كثير من الأشخاص يقومون التحدث مع أنفسهم، وهذا الأمر له دلالات كثيرة. فما الذي يختبئ وراء تلك الكلمات العابرة؟ وما معنى أن يجري الإنسان حواراً مع نفسه بصوت مرتفع؟
أيضا تصدر من الأشخاص أصواتا عند الشعور بشئ معين .. فمثلا يمكن أن تقومى بالصراخ إذا صدمت بشئ لأنك متألمة منه ، ووقتها يمكن أن تقومين بسب الجماد الذى إصطدمتى به بسبب غضبك وكأنه هو المتسبب فى فعل ذلك .. كلنا نفعل هذا، ونفعله حتى إن لم يكن هناك أي شخص آخر معنا في المكان، لكي يسمع ما نقوله أو يرد عليه. لكن، لماذا نحن في حاجة إلى أن ننطق بتلك الكلمات؟
تقول مؤلفة كتاب "الوحدة، آلامها وفوائدها"أن هذه الكلمات القصيرة التي ننطق بها كأنها أفعال، لأننا من خلالها نخرج مشاعرنا وأفكارنا إلى حيز الوجود ونتخطى بذلك حاجز اللسان، أي بالتعبير عنها.. فلكل منا طريقته في التعبير عن مكنوناته بتلك الكلمات الصغيرة، فمن الممكن أن يكون لدينا رصيد مشترك من الكلمات التي نخاطب بها أنفسنا، غير أن لكل واحد منا قاموسه الخاص من الكلمات التي يستعملها في مثل تلك الظروف. وهناك أيضاً جمل قصيرة نوجهها إلى أنفسنا بصوت مرتفع، من دون وجود أحد يستمع، تصدر نتيجة لإحساس ما، مثل عبارات: "غير معقول"، أو "يا لي من مجنونة"، أو "بمستحيل" أو " أنا حمقاء"
وكل هذه العبارات تكشف عن حالة نفسية نحاول أن نعبر عنها بصوت مسموع وهذه الجمل القصيرة، لها أيضاً معناها، فالأمر غالبا ما يتعلق بجملة تعجب، سواء كان هناك من يستمع إلينا أو لا، مع العلم أن العبارات ذات المعنى السلبي التي تصدر عنا بهذه الطريقة، هي أكثر من مثيلاتها ذات المعنى الإيجابي، وتفسير ذلك أن العبارات من النوع السلبى تكون محملة بمشاعر أقوى، وبالتالي فالمشاعر هي التي تدفعها إلى الخروج. وعلى العكس من ذلك، فإن العبارات الإيجابية قليلاً ما ننطق بها بصوت عالٍ إذا كنا وحدنا، لأن شحنتها العاطفية أقل من تلك التي تحملها عبارات الغضب أو الخوف أو الألم والتي تخرج من دون استئذان
إليكِ أبرز الموضوعات التى يمكنك أن تحدثين بها نفسك
- عند إصطدامك بشئ ما وتألمك .. وهذا لأنك شعرت بوجع داخلى لابد أن تعبرى عنه حتى تهدئى من نفسك
- عندما تغضبين من شئ أو من أحد ولا تستطيعى التعبير عن غضبك هذا "اى عندما تكبتين بداخل موقف يضايقك لأنك لا تستطيعين إبلاغ أحد به أو لا يوجد أحد يمكنك مصارحته بالموقف" فتثورى وتحدثى نفسك وتردى على من ضايقك ولكن ليس أمامه .. فلا سبيل أمامك سوى سب الشخص إلا فعل ذلك بمفردك
- عندما تحضرين لجلسة يحتاج الحديث فيها لترتيبات .. تقومى بعمل بروفة لنفسك خلال الموقف كيف ستتحدثى وماذا ستكون ردود افعالك وكيف تنتصرى على الموقف .. سواء كانت مقابلة لحسم شئ ما او مقابلة تقدم لوظيفة او مقابلة عريس مثلا
- ترتيب أفكارك، لإعداد ما تنوى فعله في فترة ما بعد الظهيرة مثلاً فيمكنك إخبار نفسك بأنك ستذهبين لشراء شئ معين اليوم أو ستقومين بتنظيف منزلك.. وينبع هذا النوع من التفكير، من الرغبة في تنظيم التفكير نفسه، فإن سرد جدولك الزمني اليومي بصوت مرتفع مع نفسك، أو سرد أحداث معينة، يعد محاولة منك لتمرين الذاكرة وتنشيطها، فمثل هذه الجمل لا تعبر عن مشاعر معينة فحسب، بل تساعد على التفكير الصحيح والمنظم عندما يكون المرء في مواجهة مشكلة ما
- سرد وقائع ورطة كاملة، من دون أن يكون هناك من يستمع إليه، ويمكن أيضاً أن يلخص كل ذلك السرد في سؤال نفسه بصوت عال: ماذا أفعل الآن؟
وأخير أن تتحدثى مع ذاتك يكون ذلك علامة على معاناتك من الوحدة، لكن ليست الوحدة بمعنى العزلة، وإنما بمعنى أن تكونى وحيدة في مواجهة مشكلة ما .. في مواجهة حدث ما .. حاولى أن يكون لديك أحد يشاركك فرحتك وحزنك وكل ما يقابلك
دراسة حول الموضوع
أجرت جامعة أمريكية في دراسة عن التحدث مع الذات توصلت إلى أن أكثر من 80% مما نحدث به انفسنا هو سلبي وضد مصلحتنا، وأن هذه النسبة المرتفعة من الأحاديث السلبية تتسبب في أكثر من 75% من الأمراض التي تصيبنا بما فيها أمراض الضغط والسكر والنوبات القلبية وغيرها
وأوضحت الدراسة أن حديث الإنسان مع نفسه يأتي على ثلاثة أنواع:
النوع الأول:
الحديث السلبي: حديث الفاشلين الذين لم يحققوا نجاحات تذكر، حيث أنهم يكثرون من استخدام عبارات مثل: "لا أستطيع " " لا أقدر" "مستحيل".
النوع الثاني:
الحديث المصحوب بكلمة "ولكن" هذا النوع لا يختلف عن النوع الأول إذ أن كلمة "لكن" تقف حائلا بينه و بين الفعل. " أستطيع . . لكني أخاف الفشل " و قد ينجح متبع هذا النوع، إذا وجد من يأخذ بيده ويبدد مخاوفه.
النوع الثالث:
الحديث الإيجابي هو حديث الناجحين حيث المبادرة وعدم التردد والفوز بفرصة النجاح، فمجرد المحاولة بالنسبة له، متعه ونجاح
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق