الملذات التي تشعرنا بالذنب إنها كثيرة وموجودة فينا جميعًا حتى وإن لم نرد الاعتراف بذلك. تتساءلين مثل ماذا؟ حسنًا مثل البقاء في السرير أو تناول الكثير من الكب كيك في حين أنني أعلم جيدًا أنه يجب أن أراقب وزني أو شراء حذاء أسود ثان بكعب عال، هل عليّ أن أذكر المزيد؟
لائحة الملذات لدى معظم الأشخاص تكون أطول مما يمكنهم الاعتراف به. الملذات المذنبة هي كل تلك الأشياء المغرية التي تنتج عن اللذة والتي تجعلنا نشعر بالانغماس والسوء بسبب ذلك الصوت القادم من أعماقنا والذي يزعجنا قائلًا “حقًا لا يجب عليك القيام بذلك”.
معظم الملذات تترافق مع عاقبة وهي الذنب. فالكثير من الأشياء التي تمنحنا المتعة القصوى تكون محاطة بطبقات من اللوم الذاتي والتي تتوسل إلينا لنتجاهلها. إنه اعتقاد شائع أن الكثير من هذه الملذات المذنبة مضرة لنا ومن هنا ينتج الندم. ليست جميعها مضرة طبعًا فبعضها مفيدة لصحتنا مثل تناول الشوكولاتة الداكنة وحب التمرين والنوم في وقت متأخر أحيانًا.
على الصعيد الجسدي ترتفع مستويات الدوبامين والسيروتونين (المواد المسؤولة عن الشعور الجيد التي يفرزها الدماغ) حين نضغط على زر تمديد رن المنبه أو نلتهم الآيس كريم بحبيبات الكوكيز من العلبة مباشرة.
أحيانًا الأشياء التي نستمتع بها لا تكون دائمًا أشياء نحب الاعتراف بها أو حتى الانغماس فيها كثيرًا. فلنواجه الأمر، نسخة كتاب Fifty Shades of Grey التي نخبئها وراء الكتب التثقيفية أو الاعجاب السري الذي نكنه لشخص لا يعتبر وسيم المظهر على المقياس العالمي هي بعض الأشياء التي قد لا نخبرها لأصدقائنا. بطريقة ما الاعتراف ليس ممكنًا حتى لأنفسنا من دون الشعور ببعض الخجل.
لذا من أين يأتي هذا الذنب؟ ربما ينتج عن واقع أن الملذات المذنبة تخبّأ عن الآخرين وقد تكون أسباب إبقائها سرًا:
- خطر خسارة المصداقية الاجتماعية
- خوف من السخرية
- تصنيفك على أنك غير ممتعة أو غريبة الأطوار
هناك قاعدة لا تقال حول المطابقة التي تلعب دورًا في شعورنا بالذنب. يبدو وكأن هناك دليل إرشادات غير مطبوع موجود في عقولنا حول ما يجب وما لا يجب القيام به وهو الذي يحكم حياتنا. يجب علينا مراقبة وزننا، لا يجب علينا قراءة هذا، لا يجب علينا أكل ذلك، يجب علينا العمل بدل مشاهدة آخر برامج الدردشة، يجب علينا التمرن، يجب علينا الاستيقاظ باكراً والمزيد من المبادىء التي تشكلت نتيجة التربية أو التجارب الماضية أو الخلفية الثقافية.
بحسب البروفيسور ليندن من كلية جون هوبكينز للطب لقد تطورنا لنصبح مخلوقات هادئة معقدة وبالتالي لا تحركنا القوى الحيوانية فقط، فتكيف مركز اللذة الرئيسي ليشمل عوامل محفزة وعاطفية. لذلك لا نسعى دائمًا وراء ما نحتاجه أو ما هو جيد لنا من حيث البقاء على قيد الحياة مما يؤدي إلى خط رفيع بين اللذة والألم.
القلق حول رأي الآخرين مسؤول أيضًا عن الذنب الذي نشعره عندما ننغمس في الملذات. إذا اعترفنا كلنا بملذاتنا المذنبة وشاركناها مع الآخرين يمكننا بسهولة إيجاد أشخاص يستمتعون بنفس الأمر مهما كان غامضًا أو مخجلًا.
ربما لن يكون هناك إحساس بالذنب مرتبط باللذة حين نعلم أن الآخرين ينغمسون مثلنا. ولكن إذا أزلنا الذنب هل سنستمر بالحصول على نفس المتعة من هذه النشاطات؟ فجزء من سحرها يكمن في الخجل الذي نشعر به عندما ننغمس فيها كثيرًا ونصبح أقرب إلى إيجاد كل الأشياء الممنوعة مرغوبة أكثر.
وبينما يشعر البعض منا أن الملذات المذنبة هي مثل نوبات الشذوذ التي تساعدنا على تخطي اليوم أو الأسبوع يرى آخرون أنها تعيق الانتاجية. فقضاء الوقت على الفايسبوك في حين أنه لدينا امتحان في اليوم التالي أو مشاهدة المسلسلات التلفزيونية قد يعيق قيامنا بنشاطات بناءة.
ولكن قد تصبح الحياة مملة من دون الملذات الصغيرة التي ترفع مزاجنا وتؤمن لنا سعادة مؤقتة. لا نستطيع أن نتمنى اختفاء الشعور بالذنب لأنه الآلية النفسية التي تساعدنا على تفادي المبالغة بالانغماس. العيش بلا ملذات هو للإنسان الآلي وليس للبشر. في النهاية إذا كنا نؤمن بالقول أن “كل الأشياء باعتدال” فحتى الاعتدال من وقت لآخر يحتاج إلى وقت استراحة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق